العکوس
سبق في أول هذا الفصل ان قلنا : ان الباحث قد يحتاج للاستدلال على مطلوبه الى أن يبرهن على قضية اخري لها علاقة مع مطلوبه يستنبط من صدقها صدق القضية المطلوبة للملازمة بينهما في الصدق. وهذه الملازمة واقعة بين کل قضية و(عکسها المستوي) وبينها وبين (عکس نقيضها). فنحن الآن نبحث عن القسمين :
العکس المستوي
أما العکس المستوي فهو : «تبديل طرفي القضية مع بقاء الکيف والصدق». أي ان القضية المحکوم بصدقها تحول الى قضية تتبع الاولي في الصدق وفي الايجاب والسلب بتبديل طرفي الاولي بأن يجعل موضوع الاولي محمولا في الثانية والمحمول موضوعا أو المقدم تاليا والتالي مقدما.
وتسمي الاولي (الاصل) والثانية (العکس المستوي). فکلمة (العکس) هنا لها اصطلاحان : اصطلاح في نفس التبديل واصطلاح في القضية التي وقع فيها التبديل.
ومعنى ان العکس تابع للاصل في الصدق : أن الاصل اذا کان صادقا وجب صدق العکس. ولکن لا يجب أن يتبعه في الکذب فقد يکذب الاصل والعکس صادق. ولازم ذلک ان الاصل لا يتبع عکسه في الصدق ولکن يتبعه في الکذب فاذا کذب العکس کذب الاصل لانه لو صدق الاصل يلزم منه صدق العکس والمفروض کذبه.
فهنا قاعدتان تنفعان في الاستدلال :
١ ـ اذا صدق الاصل صدق عکسه.
٢ ـ اذا کذب العکس کذب اصله.
وهذه القاعدة الثانية متفرعة على الاولي. کما علمت.
شروط العکس
علمنا ان العکس انما يحصل بشروط ثلاثة : تبديل الطرفين وبقاء الکيف وبقاء الصدق. أما الکم فلا يشترط بقاؤه وانما الواجب بقاء الصدق وهو قد يقتضي بقاء الکم في بعض القضايا وقد يقتضي عدمه في البعض الآخر.
والمهم فيما يأتي معرفة القضية التي يقتضي بقاء الصدق في عکسها بقاء الکم أو عدم بقائه.
ولو تبدل الطرفان وکان الکيف باقيا. ولکن لم يبق الصدق فلا يسمي ذلک عکسا. بل يسمي (انقلابا).