سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 64: دوران بين التخصيص و النسخ/ الصورة الاولي و الثانية

12 مرداد 1403

درس 64: دوران بين التخصيص و النسخ/ الصورة الاولي و الثانية

اصول مظفر: درس 64

١١. دوران بين التخصيص والنسخ
اعلم أنّ العامّ والخاصّ المنفصل يختلف حالهما من جهة العلم بتأريخهما معا ، أو بتأريخ أحدهما ، أو الجهل بهما معا. فقد يقال في بعض الأحوال بتعيين أن يكون الخاصّ ناسخا للعام ، أو منسوخا له ، أو مخصّصا إيّاه. وقد يقع الشكّ في بعض الصور ، ولتفصيل الحال نقول : إنّ الخاصّ والعامّ من ناحية تأريخ صدورهما لا يخلوان من خمس حالات : فإمّا أن يكونا معلومي التأريخ ، أو مجهولي التأريخ ، أو أحدهما مجهولا والآخر معلوما ، هذه ثلاث صور. ثمّ المعلوم تأريخهما : إمّا أن يعلم تقارنهما عرفا ، أو يعلم تقدّم العامّ ، أو يعلم تأخّر العامّ ؛ فتكون الصور خمسا :

الصورة الأولى
إذا كانا معلومي التأريخ مع العلم بتقارنهما عرفا ؛ فإنّه لا مجال لتوهّم النسخ فيهما.

الصورة الثانية :
إذا كانا معلومي التاريخ مع تقدّم العامّ ، فهذه على صورتين :
١. أن يكون ورود الخاصّ قبل وقت العمل بالعامّ. والظاهر أنّه لا إشكال حينئذ في حمله على التخصيص بغير كلام ، إمّا لأنّ النسخ لا يكون قبل وقت العمل بالمنسوخ كما قيل ، وإمّا لأنّ الأولى فيه التخصيص ، كما سيأتي في الصورة الآتية.
٢. أن يكون وروده بعد وقت العمل بالعامّ. وهذه الصورة هي أشكل الصور ، وهي التي وقع فيها الكلام في أنّ الخاصّ يجب أن يكون ناسخا ، أو يجوز أن يكون مخصّصا ولو في بعض الحالات ؟ ومع الجواز يتكلّم حينئذ في أنّ الحمل على التخصيص هو الأولى ، أو الحمل على النسخ؟
فالذي يذهب إلى وجوب أن يكون الخاصّ ناسخا فهو ناظر إلى أنّ العامّ لمّا ورد وحلّ وقت العمل به ـ بحسب الفرض ـ فتأخير الخاصّ عن وقت العمل لو كان مخصّصا ومبيّنا لعموم العامّ يكون من باب تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وهو قبيح من الحكيم ؛ لأنّ فيه إضاعة للأحكام ولمصالح العباد بلا مبرّر ، فوجب أن يكون ناسخا للعامّ ، والعامّ باق على عمومه يجب العمل به إلى حين ورود الخاصّ ، فيجب العمل ثانيا على طبق الخاصّ.
وأمّا من ذهب إلى جواز كونه مخصّصا فلعلّه ناظر إلى أنّ العامّ يجوز أن يكون واردا لبيان حكم ظاهريّ صوريّ لمصلحة اقتضت كتمان الحكم الواقعيّ ، ولو مصلحة التقيّة ، أو مصلحة التدرّج في بيان الأحكام ، كما هو المعلوم من طريقة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيان أحكام الشريعة ، مع أنّ الحكم الواقعيّ التابع للمصالح الواقعيّة الثابتة للأشياء بعناوينها الأوّلية إنّما هو على طبق الخاصّ ، فإذا جاء الخاصّ يكون كاشفا عن الحكم الواقعيّ ، فيكون مبيّنا للعامّ ومخصّصا له ، وأمّا الحكم العامّ الذي ثبت أوّلا ظاهرا وصورة إن كان قد ارتفع وانتهى أمده ، فإنّه إنّما ارتفع لارتفاع موضوعه ، وليس هو من باب النسخ.
وإذا جاز أن يكون العامّ واردا على هذا النحو من بيان الحكم ظاهرا وصورة فإن ثبت ذلك ، كان الخاصّ مخصّصا ، أي كان كاشفا عن الواقع قطعا ، وإن ثبت أنّه في صدد بيان الحكم الواقعيّ التابع للمصالح الواقعيّة الثابتة للأشياء بعناوينها الأوّليّة ، فلا شكّ في أنّه يتعيّن كون الخاصّ ناسخا له.