سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 63: تخصيص الکتاب العزيز بخبر الواحد

12 مرداد 1403

درس 63: تخصيص الکتاب العزيز بخبر الواحد

اصول مظفر: درس 63

١٠. تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد
يبدو من الصعب على المبتدئ أن يؤمن لأوّل وهلة بجواز تخصيص العامّ الوارد في القرآن الكريم بخبر الواحد ؛ نظرا إلى أنّ الكتاب المقدّس إنّما هو وحي منزل من الله (تعالى) لا ريب فيه ، والخبر ظنّيّ يحتمل فيه الخطأ والكذب ، فكيف يقدّم على الكتاب؟! ولكنّ سيرة العلماء من القديم على العمل بخبر الواحد إذا كان مخصّصا للعامّ القرآنيّ ، بل لا تجد على الأغلب خبرا معمولا به من بين الأخبار التي بأيدينا في المجاميع إلاّ وهو مخالف لعامّ ، أو مطلق في القرآن ، ولو مثل عمومات الحلّ ونحوها. بل على الظاهر أنّ مسألة تقديم الخبر الخاصّ على الآية القرآنيّة العامّة من المسائل المجمع عليها من غير خلاف بين علمائنا ، فما السرّ في ذلك مع ما قلناه؟
نقول : لا ريب في أنّ القرآن الكريم ـ وإن كان قطعيّ السند ـ فيه متشابه ومحكم ، نصّ على ذلك القرآن نفسه، والمحكم نصّ وظاهر ، والظاهر منه عامّ ومطلق ؛ كما لا ريب أيضا في أنّه ورد في كلام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم‌السلام ما يخصّص كثيرا من عمومات القرآن ، وما يقيّد كثيرا من مطلقاته ، وما يقوم قرينة على صرف جملة من ظواهره ، وهذا قطعيّ لا يشكّ فيه أحد. فإن كان الخبر قطعيّ الصدور فلا كلام في ذلك ، وإن كان غير قطعيّ الصدور وقد قام الدليل القطعيّ على أنّه حجّة شرعا ، لأنّه خبر عادل ـ مثلا ـ ، وكان مضمون الخبر أخصّ من عموم الآية القرآنيّة ، فيدور الأمر بين أن نطرح الخبر ـ بمعنى أن نكذّب راويه ـ وبين أن نتصرّف بظاهر القرآن لأنّه لا يمكن التصرّف بمضمون الخبر ؛ لأنّه نصّ أو أظهر ، ولا بسند القرآن لأنّه قطعيّ. ومرجع ذلك إلى الدوران ـ في الحقيقة ـ بين مخالفة الظنّ بصدق الخبر وبين مخالفة الظنّ بعموم الآية. أو فقل : يدور الأمر بين طرح دليل حجّيّة الخبر وبين طرح أصالة العموم ، فأيّ الدليلين أولى بالطرح؟ وأيّهما أولى بالتقديم؟

فنقول : لا شكّ أنّ الخبر صالح لأن يكون قرينة على التصرّف في ظاهر الكتاب ؛ لأنّه بدلالته ناظر ومفسّر لظاهر الكتاب بحسب الفرض ؛ وعلى العكس من ظاهر الكتاب ؛ فإنّه غير صالح لرفع اليد عن دليل حجّيّة الخبر ، لأنّه لا علاقة له فيه من هذه الجهة ـ حسب الفرض ـ حتى يكون ناظرا ومفسّرا له ؛ فالخبر لسانه لسان المبيّن للكتاب ، فيقدّم عليه ، وليس الكتاب بظاهره بصدد بيان دليل حجّيّة الخبر حتّى يقدّم عليه. وإن شئت فقل : إنّ الخبر بحسب الفرض قرينة على الكتاب ، والأصل الجاري في القرينة ـ وهو هنا أصالة عدم كذب الراوي ـ مقدّم على الأصل الجاري في ذي القرينة وهو هنا أصالة العموم.