سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 59: لايجوز العمل بالعام قبل الفحص

12 مرداد 1403

درس 59: لايجوز العمل بالعام قبل الفحص

اصول مظفر: درس 59

٦. لا يجوز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص

لا شكّ في أنّ بعض عمومات القرآن الكريم والسنّة الشريفة ورد لها مخصّصات منفصلة شرحت المقصود من تلك العمومات. وهذا معلوم من طريقة صاحب الشريعة ، والائمّة الأطهار عليهم‌السلام حتّى قيل : «ما من عامّ إلاّ وقد خصّ» . ولذا ورد عن ائمّتنا ذمّ من استبدّوا برأيهم في الأحكام ، لأنّ في الكتاب المجيد والسنّة عامّا وخاصّا ومطلقا ومقيّدا ، وهذه الأمور لا تعرف إلاّ من طريق آل البيت عليهم‌السلام.
وهذا ما أوجب التوقّف في التسرّع بالأخذ بعموم العامّ قبل الفحص واليأس من وجود المخصّص ؛ لجواز أن يكون هذا العامّ من العمومات التي لها مخصّص موجود في السنّة أو في الكتاب لم يطّلع عليه من وصل إليه العامّ. وقد نقل عدم الخلاف ، بل الإجماع على عدم جواز الأخذ بالعامّ قبل الفحص واليأس. وهو الحقّ.
والسرّ في ذلك واضح لما قدّمناه ، لأنّه إذا كانت طريقة الشارع في بيان مقاصده أن يعتمد على القرائن المنفصلة لا يبقى اطمئنان بظهور العامّ في عمومه ، فإنّه يكون ظهورا بدويّا. وللشارع حجّة على المكلّف إذا قصّر في الفحص عن المخصّص.
أمّا إذا بذل وسعه وفحص عن المخصّص في مظانّه حتّى حصل له الاطمئنان بعدم وجوده ، فله الأخذ بظهور العامّ. وليس للشارع حجّة عليه فيما لو كان هناك مخصّص واقعا لم يتمكّن المكلّف من الوصول إليه عادة بالفحص ، بل للمكلّف أن يحتجّ فيقول : إنّي فحصت عن المخصّص فلم أظفر به ، ولو كان مخصّص هناك كان ينبغي بيانه على وجه لو فحصنا عنه عادة لوجدناه في مظانّه ، وإلاّ فلا حجّة فيه علينا.
وهذا الكلام جار في كلّ ظهور ؛ فإنّه لا يجوز الأخذ به إلاّ بعد الفحص عن القرائن المنفصلة. فإذا فحص المكلّف ولم يظفر بها فله أن يأخذ بالظهور ويكون حجّة عليه.
ومن هنا نستنتج قاعدة عامّة تأتي في محلّها ونستوفي البحث عنها ـ إن شاء الله تعالى ـ. والمقام من صغرياتها ، وهي «إنّ أصالة الظهور لا تكون حجّة إلاّ بعد الفحص واليأس عن القرينة».
أمّا بيان مقدار الفحص الواجب أهو الذي يوجب اليأس على نحو القطع بعدم القرينة أو على نحو الظنّ الغالب والاطمئنان بعدمها؟ فذلك موكول إلى محلّه. والمختار كفاية الاطمئنان. والذى يهوّن الخطب في هذه العصور المتأخّرة أنّ علماءنا ـ قدس‌سرهم ـ قد بذلوا جهودهم على تعاقب العصور في جمع الأخبار وتبويبها والبحث عنها وتنقيحها في كتب الأخبار والفقه ، حتى أنّ الفقيه أصبح الآن يسهل عليه الفحص عن القرائن بالرجوع إلى مظانّها المهيّأة ؛ فإذا لم يجدها بعد الفحص ، يحصل له القطع غالبا بعدمها.