تنبيه : في جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة إذا كان المخصّص لبّيّا
المقصود من المخصّص اللبّي ما يقابل اللفظيّ ، كالإجماع ودليل العقل اللذين هما دليلان وليسا من نوع الألفاظ. فقد نسب إلى الشيخ المحقّق الأنصاريّ قدسسره جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة مطلقا إذا كان المخصّص لبيّا (٢). وتبعه جماعة من المتأخّرين عنه (٣).
وذهب المحقّق شيخ أساتذتنا (صاحب الكفاية قدسسره) إلى التفصيل بين ما إذا كان المخصّص اللبّيّ ممّا يصحّ أن يتّكل عليه المتكلّم في بيان مراده بأن كان عقليّا ضروريّا ؛ فإنّه يكون كالمتّصل ، فلا ينعقد للعامّ ظهور في العموم ، فلا مجال للتمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة ، وبين ما إذا لم يكن كذلك ، كما إذا لم يكن التخصيص ضروريّا على وجه يصحّ أن يتّكل عليه المتكلّم ، فإنّه لا مانع من التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة ؛ لبقاء العامّ على ظهوره ، وهو حجّة بلا مزاحم.
واستشهد على ذلك بما ذكره من الطريقة المعروفة ، والسيرة المستمرّة المألوفة بين العقلاء ، كما إذا أمر المولى منهم عبده بإكرام جيرانه ، وحصل القطع للعبد بأنّ المولى لا يريد إكرام من كان عدوّا له من الجيران فإنّ العبد ليس له ألاّ يكرم من يشكّ في عداوته ، للمولى أن يؤاخذه على عدم إكرامه ، ولا يصحّ منه الاعتذار بمجرّد احتمال العداوة ، لأنّ بناء العقلاء وسيرتهم هي ملاك حجّيّة أصالة الظهور ، فيكون ظهور العامّ ـ في هذا المقام ـ حجّة بمقتضى بناء العقلاء.
وزاد على ذلك أنّه يستكشف من عموم العامّ للفرد المشكوك أنّه ليس فردا للخاصّ الذي علم خروجه من حكم العامّ. ومثّل له بعموم قوله : «لعن الله بني فلان قاطبة» المعلوم منه خروج من كان مؤمنا منهم ، فإن شكّ في إيمان شخص يحكم بجواز لعنه للعموم. وكلّ من جاز لعنه ليس مؤمنا. فينتج من الشكل الأوّل : «هذا الشخص ليس مؤمنا».
هذا خلاصة رأي صاحب الكفاية قدسسره