سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 50: الفاظ عموم

11 مرداد 1403

درس 50: الفاظ عموم

اصول مظفر: درس 50

إذا عرفت هذا التمهيد فينبغي أن نشرع في تفصيل مباحث العامّ والخاصّ في فصول :

١. ألفاظ العموم
لا شكّ أنّ للعموم ألفاظا تخصّه دالّة عليه إمّا بالوضع ، أو بالإطلاق بمقتضى مقدّمات الحكمة. وهي إمّا أن تكون ألفاظا مفردة ، مثل «كلّ» وما في معناها ، مثل «جميع» و «تمام» و «أيّ» و «دائما» ، وإمّا أن تكون هيئات لفظيّة ، كوقوع النكرة في سياق النفي أو النهي ، وكون اللفظ جنسا محلّى باللام جمعا كان أو مفردا. فلنتكلّم عنها بالتفصيل :
١. لفظة «كلّ» وما في معناها ، فإنّه من المعلوم دلالتها بالوضع على عموم مدخولها. سواء كان عموما استغراقيّا أو مجموعيّا ؛ وإنّ العموم معناه الشمول لجميع أفرادها مهما كان لها من الخصوصيّات اللاحقة لمدخولها.
٢. «وقوع النكرة في سياق النفي أو النهي» ؛ فإنّه لا شكّ في دلالتها على عموم السلب لجميع أفراد النكرة عقلا ، لا وضعا ؛ لأنّ عدم الطبيعة إنّما يكون بعدم جميع أفرادها. وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.
٣. «الجمع المحلّى باللام والمفرد المحلّى بها» ، لا شكّ في استفادة العموم منهما عند عدم العهد ، ولكنّ الظاهر أنّه ليس ذلك بالوضع في المفرد المحلّى باللام ، وإنّما يستفاد بالإطلاق بمقتضى الحكمة ، ولا فرق بينهما من جهة العموم في استغراق جميع الأفراد فردا فردا.

وقد توهّم بعضهم أنّ معنى استغراق الجمع المحلّى وكلّ جمع مثل «أكرم جميع العلماء» هو استغراق بلحاظ مراتب الجمع ، لا بلحاظ الأفراد فردا فردا ، فيشمل كلّ جماعة جماعة ، ويكون بمنزلة قول القائل : «أكرم جماعة جماعة» ، فيكون موضوع الحكم كلّ جماعة على حدة لا كلّ فرد ؛ فإكرام شخص واحد لا يكون امتثالا للأمر. وذلك نظير عموم التثنية ؛ فإنّ الاستغراق فيها بملاحظة مصاديق التثنية ، فيشمل كلّ اثنين اثنين ، فإذا قال : «أكرم كلّ عالمين» فموضوع الحكم كلّ اثنين من العلماء ، لا كلّ فرد.
ومنشأ هذا التوهّم أنّ معنى الجمع ، الجماعة ، كما أنّ معنى التثنية ، الاثنان ، فإذا دخلت أداة العموم عليه دلّت على العموم بلحاظ كلّ جماعة جماعة ، كما إذا دخلت على المفرد دلّت على العموم بلحاظ كلّ فرد فرد ، وعلى التثنية دلّت عليه بلحاظ كلّ اثنين اثنين ؛ لأنّ أداة العموم تفيد عموم مدخولها.
ولكن هذا توهّم فاسد ؛ للفرق بين التثنية والجمع ؛ لأنّ التثنية تدلّ على الاثنين المحدود من جانب القلّة والكثرة ، بخلاف الجمع ؛ فإنّه يدلّ على ما هو محدود من جانب القلّة فقط ؛ لأنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، وأمّا من جانب الكثرة فغير محدود أبدا. فكلّ ما تفرض لذلك اللفظ المجموع من أفراد مهما كثرت فهي مرتبة واحدة من الجمع وجماعة واحدة ، حتى لو أريد جميع الأفراد بأسرها ، فإنّها كلّها مرتبة واحدة من الجمع ، لا مجموعة مراتب له. فيكون معنى استغراق الجمع عدم الوقوف على حدّ خاصّ من حدود الجمع ومرتبة دانية منه ، بل المقصود أعلى مراتبه. فيذهب استغراقه إلى آخر الآحاد لا إلى آخر المراتب ؛ إذ ليس هناك بلحاظ جميع الأفراد إلاّ مرتبة واحدة ، لا مراتب متعدّدة ، وليس إلاّ حدّ واحد هو الحدّ الأعلى ، لا حدود متكثّرة ، فهو من هذه الجهة ـ كاستغراق المفرد ـ معناه عدم الوقوف على حد خاصّ ، فيذهب إلى آخر الآحاد.
نعم ، الفرق بينهما إنّما هو في عدم الاستغراق ؛ فإنّ عدم استغراق المفرد يوجب الاقتصار على واحد ، وعدم استغراق الجمع يوجب الاقتصار على أقلّ الجمع ، وهو ثلاثة.