سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 36: الباب الرابع: المفاهیم

11 مرداد 1403

درس 36: الباب الرابع: المفاهیم

اصول مظفر: درس 36

الباب الرابع: المفاهيم

تمهيد
في معنى كلمة «المفهوم» ، وفي النزاع في حجيّته ، وفي أقسامه. فهذه ثلاثة مباحث :
١. معنى كلمة المفهوم
تطلق كلمة «المفهوم» على ثلاثة معان :
١. المعنى المدلول للّفظ الذي يفهم منه ، فيساوي كلمة «المدلول» ، سواء كان مدلولا لمفرد أو جملة ، وسواء كان مدلولا حقيقيّا أو مجازيّا.
٢. ما يقابل المصداق ، فيراد منه كلّ معنى يفهم وإن لم يكن مدلولا للّفظ ، فيعمّ المعنى الأوّل وغيره.
٣. ما يقابل المنطوق ، وهو أخصّ من الأوّلين. وهذا هو المقصود بالبحث هنا. وهو اصطلاح أصوليّ يختصّ بالمدلولات الالتزاميّة للجمل التركيبيّة ، سواء كانت إنشائيّة أو إخباريّة ، فلا يقال لمدلول المفرد مفهوم وإن كان من المدلولات الالتزاميّة.

أمّا المنطوق : فمقصودهم منه ما يدلّ عليه اللفظ في حدّ ذاته على وجه يكون اللفظ المنطوق حاملا لذلك المعنى ، وقالبا له ، فيسمّى المعنى «منطوقا» تسمية للمدلول باسم الدالّ. ولذلك يختصّ المنطوق بالمدلول المطابقيّ فقط ، وإن كان المعنى مجازا قد استعمل فيه اللفظ بقرينة.
وعليه ، فالمفهوم الذي يقابله ما لم يكن اللفظ حاملا له دالاّ عليه بالمطابقة ، ولكن يدلّ عليه باعتباره لازما لمفاد الجملة بنحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ؛ ولأجل هذا يختصّ المفهوم بالمدلول الالتزاميّ.
مثاله قولهم : «إذا بلغ الماء كرّا لا ينجّسه شيء». فالمنطوق فيه هو مضمون الجملة وهو عدم تنجّس الماء البالغ كرّا بشيء من النجاسات. والمفهوم ـ على تقدير أن يكون لمثل هذه الجملة مفهوم ـ أنّه إذا لم يبلغ كرّا يتنجّس.
وعلى هذا يمكن تعريفهما بما يلي :
المنطوق «هو حكم دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق».
والمفهوم «هو حكم دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق».
والمراد من الحكم الحكم بالمعنى الأعمّ ، لا خصوص أحد الأحكام الخمسة.
وعرّفوهما أيضا بأنّهما حكم مذكور وحكم غير مذكور ؛ وأنّهما حكم لمذكور وحكم لغير مذكور ، وكلّها لا تخلو عن مناقشات طويلة الذيل. والذي يهوّن الخطب أنّها تعريفات لفظيّة لا يقصد منها الدقّة

في التعريف ، والمقصود منها واضح كما شرحناه.
٢. النزاع في حجّيّة المفهوم
لا شكّ أنّ الكلام إذا كان له مفهوم يدلّ عليه فهو ظاهر فيه ، فيكون حجّة من المتكلّم على السامع ، ومن السامع على المتكلّم ، كسائر الظواهر الأخرى.
إذن ، ما معنى النّزاع في حجيّة المفهوم حينما يقولون مثلا : هل مفهوم الشرط حجّة أو لا؟
وعلى تقديره ، لا يدخل هذا النزاع في مباحث الألفاظ التي كان الغرض منها تشخيص الظهور في الكلام وتنقيح صغريات حجيّة الظهور ، بل ينبغي أن يدخل في مباحث الحجّة ، كالبحث عن حجّيّة الظهور وحجّيّة الكتاب ونحو ذلك.

والجواب أنّ النزاع هنا في الحقيقة إنّما هو في وجود الدلالة على المفهوم ، ـ أي في أصل ظهور الجملة فيه وعدم ظهورها ـ. وبعبارة أوضح : النزاع هنا في حصول المفهوم للجملة لا في حجّيّته بعد فرض حصوله.
فمعنى النزاع في مفهوم الشرط ـ مثلا ـ أنّ الجملة الشرطيّة مع قطع النظر عن القرائن الخاصّة هل تدلّ على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط؟ وهل هي ظاهرة في ذلك؟ لا أنّه بعد دلالتها على هذا المفهوم وظهورها فيه يتنازع في حجّيته ، فإنّ هذا لا معنى له ، وإن أوهم ذلك ظاهر بعض تعبيراتهم ، كما يقولون مثلا : «مفهوم الشرط حجّة أم لا؟». ولكن غرضهم ما ذكرنا.
كما أنّه لا نزاع في دلالة بعض الجمل على مفهوم لها إذا كانت لها قرينة خاصّة على ذلك المفهوم ، فإنّ هذا ليس موضع كلامهم ؛ بل موضوع الكلام ومحلّ النزاع في دلالة نوع تلك الجملة ، كنوع الجملة الشرطيّة على المفهوم مع تجرّدها عن القرائن الخاصّة.