سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 29: الاصلی و التبعی، التخییری و التعیینی

11 مرداد 1403

درس 29: الاصلی و التبعی، التخییری و التعیینی

اصول مظفر: درس 29

٣. الأصليّ والتبعيّ
الواجب الأصليّ «ما قصدت إفادة وجوبه مستقلاّ بالكلام» ، كوجوبي الصلاة والوضوء المستفادين من قوله (تعالى) : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ ، وقوله (تعالى) : ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ .

والواجب التبعيّ «ما لم تقصد إفادة وجوبه ، بل كان من توابع ما قصدت إفادته». وهذا كوجوب المشي إلى السوق المفهوم من أمر المولى بوجوب شراء اللحم من السوق ، فإنّ المشي إليها حينئذ يكون واجبا لكنّه لم يكن مقصودا بالإفادة من الكلام ، كما في كلّ دلالة التزاميّة فيما لم يكن اللزوم فيها من قبيل البيّن بالمعنى الأخصّ.

٤. التخييريّ والتعيينيّ
الواجب التعيينيّ «ما تعلّق به الطلب بخصوصه ، وليس له عدل في مقام الامتثال» ، كالصّلاة والصوم في شهر رمضان ، فإنّ الصلاة واجبة لمصلحة في نفسها لا يقوم مقامها واجب آخر في عرضها. وقد عرّفناه فيما سبق بقولنا : «هو الواجب بلا واجب آخر يكون عدلا له وبديلا عنه في عرضه» . وإنّما قيّدنا البديل [بقولنا] : «في عرضه» ؛ لأنّ بعض الواجبات التعيينيّة قد يكون لها بديل في طولها ولا يخرجها عن كونها واجبات تعيينيّة ، كالوضوء ـ مثلا ـ الذي له بديل في طوله وهو التيمّم ؛ لأنّه إنّما يجب إذا تعذّر الوضوء ، وكالغسل بالنسبة إلى التيمّم أيضا كذلك ، وكخصال الكفّارة المرتّبة ، نحو كفّارة قتل الخطأ ، وهي العتق أوّلا ، فإن تعذّر فصيام شهرين ، فإن تعذّر فإطعام ستّين مسكينا.
والواجب التخييريّ : «ما كان له عدل وبديل في عرضه ، ولم يتعلّق به الطلب بخصوصه ، بل كان المطلوب هو أو غيره ، يتخيّر بينهما المكلّف». وهو كالصوم الواجب في كفّارة إفطار شهر رمضان عمدا ، فإنّه واجب ، ولكن يجوز تركه وتبديله بعتق رقبة أو إطعام ستّين مسكينا.

والأصل في هذا التقسيم أنّ غرض المولى ربّما يتعلّق بشيء معيّن ، فإنّه لا مناص حينئذ من أن يكون هو المطلوب والمبعوث إليه وحده ، فيكون «واجبا تعيينيّا». وربّما يتعلّق غرضه بأحد شيئين أو أشياء لا على التعيين ، بمعنى أنّ كلاّ منها محصّل لغرضه ، فيكون البعث نحوها جميعا على نحو التخيير بينها. وكلا القسمين واقع في إرادتنا نحن أيضا ، فلا وجه للإشكال في إمكان الواجب التخييريّ ، ولا موجب لإطالة الكلام .
ثمّ إنّ أطراف الواجب التخييريّ إن كان بينها جامع يمكن التعبير عنه بلفظ واحد ، فإنّه يمكن أن يكون البعث في مقام الطلب نحو هذا الجامع ، فإذا وقع الطلب كذلك فإنّ التخيير حينئذ بين الأطراف يسمّى «عقليّا» ، وهو ليس من الواجب التخييريّ المبحوث عنه ، فإنّ هذا يعدّ من الواجب التعيينيّ ، فإنّ كلّ واجب تعيينيّ كلّيّ يكون المكلّف مخيّرا عقلا بين أفراده ، والتخيير يسمّى حينئذ «عقليّا». مثاله قول الأستاذ لتلميذه : «اشتر قلما» الجامع بين أنواع الأقلام من قلم الحبر وقلم الرصاص وغيرهما ، فإنّ التخيير بين هذه الأنواع يكون عقليّا ، كما أنّ التخيير بين أفراد كلّ نوع يكون عقليّا أيضا.
وإن لم يكن هناك جامع مثل ذلك ، كما في مثال خصال الكفّارة ، فإنّ البعث إمّا أن يكون نحو عنوان انتزاعيّ كعنوان «أحد هذه الأمور» ، أو نحو كلّ واحد منها مستقلاّ ، ولكن مع العطف بـ «أو» ونحوها ممّا يدلّ على التخيير ، فيقال في النحو الأوّل مثلا : «أوجد أحد هذه الأمور». ويقال في النحو الثاني مثلا : «صم» أو «أطعم» أو «أعتق». ويسمّى حينئذ التخيير بين الأطراف «شرعيّا» ، وهو المقصود من التخيير المقابل للتعيين هنا.