سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 25: تکمیل بحث الفور و التراخی، المرّة و التکرار

11 مرداد 1403

درس 25: تکمیل بحث الفور و التراخی، المرّة و التکرار

اصول مظفر: درس 25

والجواب عن الاستدلال بكلتا الآيتين أنّ الخيرات وسبب المغفرة كما تصدق على الواجبات تصدق على المستحبّات أيضا ، فتكون المسارعة والاستباق شاملين لما هما في المستحبّات أيضا. ومن البديهيّ عدم وجوب المسارعة فيها ، كيف وهي يجوز تركها رأسا. وإذا كانتا شاملتين للمستحبّات بعمومهما كان ذلك قرينة على أنّ طلب المسارعة ليس على نحو الإلزام ؛ فلا تبقى لهما دلالة على الفوريّة في عموم الواجبات.
بل لو سلّمنا باختصاصهما بالواجبات لوجب صرف ظهور صيغة «افعل» فيهما في الوجوب وحملها على الاستحباب ؛ نظرا إلى أنّا نعلم عدم وجوب الفوريّة في أكثر الواجبات ، فيلزم تخصيص الأكثر بإخراج أكثر الواجبات عن عمومها. ولا شكّ أنّ الإتيان بالكلام عامّا مع تخصيص الأكثر وإخراجه من العموم بعد ذلك قبيح في المحاورات العرفيّة ، ويعدّ الكلام عند العرف مستهجنا. فهل ترى يصحّ لعارف بأساليب الكلام أن يقول مثلا : «بعت أموالي» ثمّ يستثني واحدا فواحدا حتّى لا يبقى تحت العامّ إلاّ القليل؟! لا شكّ في أنّ هذا الكلام يعدّ مستهجنا ، لا يصدر عن حكيم عارف.
إذن ، لا يبقى مناص عن حمل الآيتين على الاستحباب.

٨. المرّة والتكرار (حاشیہ مصنف)
واختلفوا أيضا في دلالة صيغة «افعل» على المرّة والتكرار على أقوال ، كاختلافهم في الفور والتراخي.
والمختار هنا كالمختار هناك ، والدليل نفس الدليل من عدم دلالة الصيغة لا بهيئتها ولا بمادّتها على المرّة ولا التكرار ؛ لما عرفت من أنّها لا تدلّ على أكثر من طلب نفس الطبيعة من حيث هي ، فلا بدّ من دالّ آخر على كلّ منهما.

أمّا الإطلاق فإنّه يقتضي الاكتفاء بالمرّة. وتفصيل ذلك أنّ مطلوب المولى لا يخلو من أحد وجوه ثلاثة ـ ويختلف الحكم فيها من ناحية جواز الاكتفاء وجواز التكرار ـ :
١. أن يكون المطلوب صرف وجود الشيء بلا قيد ولا شرط ، بمعنى أنّه يريد ألاّ يبقى مطلوبه معدوما ، بل يخرج من ظلمة العدم إلى نور الوجود لا أكثر ، ولو بفرد واحد. ولا محالة ـ حينئذ ـ ينطبق المطلوب قهرا على أوّل وجوداته ، فلو أتى المكلّف بما أمر به أكثر من مرّة فالامتثال يكون بالوجود الأوّل ، ويكون الثاني لغوا محضا ، كالصلاة اليوميّة.
٢. أن يكون المطلوب الوجود الواحد بقيد الواحدة ـ أي بشرط ألاّ يزيد على أوّل وجوداته ـ ، فلو أتى المكلّف حينئذ بالمأمور به مرّتين لا يحصل الامتثال أصلا ، كتكبيرة الإحرام للصلاة ؛ فإنّ الإتيان بالثانية عقيب الأولى مبطل للأولى ، وهي تقع باطلة.
٣. أن يكون المطلوب الوجود المتكرّر ، إمّا بشرط تكرّره فيكون المطلوب هو المجموع بما هو مجموع ، فلا يحصل الامتثال بالمرّة أصلا ، كركعات الصلاة الواحدة ، وإمّا لا بشرط تكرّره ـ بمعنى أنّه يكون المطلوب كلّ واحد من الوجودات ـ ، كصوم أيّام شهر رمضان ، فلكلّ مرّة امتثالها الخاصّ.
ولا شكّ أنّ الوجهين الأخيرين يحتاجان إلى بيان زائد على مفاد الصيغة. فلو أطلق المولى ولم يقيّد بأحد الوجهين ـ وهو في مقام البيان ـ كان إطلاقه دليلا على إرادة الوجه الأوّل. وعليه ، يحصل الامتثال ـ كما قلنا ـ بالوجود الأوّل ، ولكن لا يضرّ الوجود الثاني ، كما أنّه لا أثر له في الامتثال وغرض المولى.
وممّا ذكرنا يتّضح أنّ مقتضى الإطلاق جواز الإتيان بأفراد كثيرة معا دفعة واحدة ، ويحصل الامتثال بالجميع. فلو قال المولى : «تصدّق على مسكين» فمقتضى الإطلاق جواز الاكتفاء بالتصدّق مرّة واحدة على مسكين واحد ، وحصول الامتثال بالتصدّق على عدّة مساكين دفعة واحدة ، ويكون امتثالا واحدا بالجميع ؛ لصدق صرف الوجود على الجميع ؛ إذ الامتثال كما يحصل بالفرد الواحد يحصل بالأفراد المجتمعة الوجود.