سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 20: تکمیل بحث ظهور الصیغة فی الوجوب، و تنبیهان

10 مرداد 1403

درس 20: تکمیل بحث ظهور الصیغة فی الوجوب، و تنبیهان

اصول مظفر: درس 20

ويشهد لما ذكرناه ـ من كون المستعمل فيه واحدا في مورد الوجوب والندب ـ ما جاء في كثير من الأحاديث من الجمع بين الواجبات والمندوبات بصيغة واحدة ، وأمر واحد ، وأسلوب واحد مع تعدّد الأمر ؛ ولو كان الوجوب والندب من قبيل المعنيين للصيغة لكان ذلك في الأغلب من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى وهو مستحيل ، أو تأويله بإرادة مطلق الطلب البعيد إرادته من مساق الأحاديث ، فإنّه تجوّز ـ على تقديره ـ لا شاهد له ، ولا يساعد عليه أسلوب الأحاديث الواردة.

تنبيهان

الأوّل : ظهور الجملة الخبريّة الدالّة على الطلب في الوجوب.
اعلم أنّ الجملة الخبريّة في مقام إنشاء الطلب شأنها شأن صيغة «افعل» في ظهورها في الوجوب ، كما أشرنا إليه سابقا ، بقولنا : «صيغة افعل وما شابهها».
والجملة الخبريّة مثل قول : «يغتسل. يتوضّأ. يصلّي» بعد السؤال عن شيء يقتضي مثل هذا الجواب ونحو ذلك.
والسرّ في ذلك أنّ المناط في الجميع واحد ، فإنّه إذا ثبت البعث من المولى ـ بأيّ مظهر كان وبأيّ لفظ كان ـ فلا بدّ أن يتبعه حكم العقل بلزوم الانبعاث ما لم يأذن المولى بتركه.
بل ربّما يقال : إنّ دلالة الجملة الخبرية على الوجوب آكد ؛ لأنّها في الحقيقة إخبار عن تحقّق الفعل بادّعاء أنّ وقوع الامتثال من المكلّف مفروغ منه

الثاني : ظهور الأمر بعد الحظر أو توهّمه.
قد يقع إنشاء الأمر بعد تقدّم الحظر ـ أي المنع ـ أو عند توهّم الحظر ، كما لو منع الطبيب المريض عن شرب الماء ، ثمّ قال له : «اشرب الماء». أو قال ذلك عند ما يتوهّم المريض أنّه ممنوع منه ومحظور عليه شربه.
وقد اختلف الأصوليون في مثل هذا الأمر أنّه هل هو ظاهر في الوجوب ، أو ظاهر في الإباحة ، أو الترخيص فقط ـ أي رفع المنع فقط من دون التعرّض لثبوت حكم آخر من إباحة أو غيرها ـ ، أو يرجع إلى ما كان عليه سابقا قبل المنع ؟ على أقوال كثيرة.

وأصحّ الأقوال هو الثالث ، وهو دلالتها على الترخيص فقط.
والوجه في ذلك أنّك قد عرفت أنّ دلالة الأمر على الوجوب إنّما تنشأ من حكم العقل بلزوم الانبعاث ما لم يثبت الإذن بالترك. ومنه تستطيع أن تتفطّن أنّه لا دلالة للأمر في المقام على الوجوب ؛ لأنّه ليس فيه دلالة على البعث وإنّما هو ترخيص في الفعل لا أكثر.
وأوضح من هذا أن نقول : إنّ مثل هذا الأمر هو إنشاء بداعي الترخيص في الفعل والإذن به ، فهو لا يكون إلاّ ترخيصا وإذنا بالحمل الشائع. ولا يكون بعثا إلاّ إذا كان الإنشاء بداعي البعث. ووقوعه بعد الحظر أو توهّمه قرينة على عدم كونه بداعي البعث ، فلا يكون دالاّ على الوجوب. وعدم دلالته على الإباحة بطريق أولى ، فيرجع فيه إلى دليل آخر من أصل أو أمارة.
مثاله قوله (تعالى) : ﴿وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا﴾ فإنّه أمر بعد الحظر عن الصيد حال الإحرام ، فلا يدلّ على وجوب الصيد.
نعم ، لو اقترن الكلام بقرينة خاصّة على أنّ الأمر صدر بداعي البعث أو لغرض بيان إباحة الفعل فإنّه حينئذ يدلّ على الوجوب أو الإباحة. ولكن هذا أمر آخر لا كلام فيه ؛ فإنّ الكلام في فرض صدور الأمر بعد الحظر أو توهّمه مجرّدا عن كلّ قرينة أخرى غير هذه القرينة.