سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 16: اختلاف المشتقات من جهة المبادی، استعمال المشتق بلحاظ حال التلبس

10 مرداد 1403

درس 16: اختلاف المشتقات من جهة المبادی، استعمال المشتق بلحاظ حال التلبس

اصول مظفر: درس 16

٣. اختلاف المشتقّات من جهة المبادئ
وقد يتوهّم بعضهم:
أنّ النزاع هنا لا يجري في بعض المشتقّات الجارية على الذات ، مثل النجّار والخيّاط والطبيب والقاضي ، ونحو ذلك ممّا كان للحرف والمهن ، بل في هذه من المتّفق عليه أنّه موضوع للأعمّ. ومنشأ الوهم أنّا نجد صدق هذه المشتقّات حقيقة على من انقضى عنه التلبّس بالمبدإ ـ من غير شكّ ـ ، وذلك نحو صدقها على من كان نائما ـ مثلا ـ مع أنّ النائم غير متلبّس بالنجارة فعلا ، أو الخياطة ، أو الطبابة ، أو القضاء ، ولكنّه كان متلبّسا بها في زمان مضى. وكذلك الحال في أسماء الآلة ، كالمنشار والمقود والمكنسة ؛ فإنّها تصدق على ذواتها حقيقة مع عدم التلبّس بمبادئها.
والجواب عن ذلك :
أنّ هذا التوهّم منشؤه الغفلة عن معنى المبدأ المصحّح لصدق المشتقّ ، فإنّه يختلف باختلاف المشتقّات ؛ لأنّه تارة يكون من الفعليّات، وأخرى من الملكات، وثالثة من الحرف والصناعات. مثلا : اتّصاف زيد بأنّه قائم إنّما يتحقّق إذا تلبّس بالقيام فعلا ؛ لأنّ القيام يؤخذ على نحو الفعليّة مبدأ لوصف «قائم» ، ويفرض الانقضاء بزوال فعليّة القيام عنه. وأمّا اتّصافه بأنّه عالم بالنحو أو أنّه قاضي البلد : فليس بمعنى أنّه يعلم ذلك فعلا ، أو أنّه مشغول بالقضاء بين الناس فعلا ، بل بمعنى أنّ له ملكة العلم أو منصب القضاء ، فما دامت الملكة أو الوظيفة موجودتين فهو متلبّس بالمبدإ حالا وإن كان نائما أو غافلا. نعم ، يصحّ أن نتعقّل الانقضاء إذا زالت الملكة أو سلبت عنه الوظيفة ، وحينئذ يجري النزاع في أنّ وصف القاضي ـ مثلا ـ هل يصدق حقيقة على من زال عنه منصب القضاء؟
وكذلك الحال في مثل النجّار والخيّاط والمنشار ، فلا يتصوّر فيها الانقضاء إلاّ بزوال حرفة النجارة ، ومهنة الخياطة ، وشأنيّة النشر في المنشار.
والخلاصة :
أنّ الزوال والانقضاء في كلّ شيء بحسبه ، والنزاع في المشتقّ إنّما هو في وضع الهيئات ، مع قطع النظر عن خصوصيات المبادئ المدلول عليها بالموادّ التي تختلف اختلافا كثيرا.

٤. استعمال المشتقّ بلحاظ حال التلبّس حقيقة
اعلم أنّ المشتقّات التي هي محلّ النزاع بأجمعها هي من الأسماء.
والأسماء مطلقا لا دلالة لها على الزمان حتّى اسم الفاعل واسم المفعول ، فإنّه كما يصدق العالم حقيقة على من هو عالم فعلا كذلك يصدق حقيقة على من كان عالما فيما مضى ، أو يكون عالما فيما يأتي ، بلا تجوّز إذا كان إطلاقه عليه بلحاظ حال التلبّس بالمبدإ ، كما إذا قلنا : «كان عالما» أو «سيكون عالما»، فإنّ ذلك حقيقة بلا ريب ، نظير الجوامد لو تقول فيها ـ مثلا ـ : «الرماد كان خشبا» أو «الخشب سيكون رمادا». فإذن إذا كان الأمر كذلك فما موقع النزاع في إطلاق المشتقّ على ما مضى عليه التلبّس أنّه حقيقة أو مجاز؟
نقول : إنّ الإشكال والنزاع هنا إنّما هو فيما إذا انقضى التلبّس بالمبدإ وأريد إطلاق المشتقّ فعلا على الذات التي انقضى عنها التلبّس ، أي إنّ الإطلاق عليها بلحاظ حال النسبة والإسناد الذي هو حال النطق غالبا ، كأن تقول ـ مثلا ـ : «زيد عالم فعلا» ، أي إنّه الآن موصوف بأنّه عالم ؛ لأنّه كان فيما مضى عالما ، كمثال إثبات الكراهة للوضوء بالماء المسخن بالشمس سابقا بتعميم لفظ المسخن في الدليل لما كان مسخنا.

فتحصّل ممّا ذكرناه ثلاثة أمور :
١. إنّ إطلاق المشتقّ بلحاظ حال التلبّس حقيقة مطلقا ، سواء كان بالنظر إلى ما مضى أو الحال أو المستقبل. وذلك بالاتّفاق.
٢. إنّ إطلاقه على الذات فعلا بلحاظ حال النسبة والإسناد قبل زمان التلبّس لأنّه سيتلبّس به فيما بعد مجاز بلا اشكال ، وذلك بعلاقة الأول أو المشارفة. وهذا متّفق عليه أيضا.
٣. إنّ إطلاقه على الذات فعلا ـ أي بلحاظ حال النسبة والإسناد ـ لأنّه كان متّصفا به سابقا هو محلّ الخلاف والنزاع ، فقال قوم بأنّه حقيقة ، وقال آخرون بأنّه مجاز.