سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 15: المشتق: ما المراد من المشتق، جریان النزاع فی اسم الزمان

10 مرداد 1403

درس 15: المشتق: ما المراد من المشتق، جریان النزاع فی اسم الزمان

اصول مظفر: درس 15

والسرّ في ذلك أنّ موضع النزاع هنا يعتبر فيه شيئان :

١. أن يكون جاريا على الذات ، بمعنى أنّه يكون حاكيا عنها وعنوانا لها ، نحو اسم الفاعل ، واسم المفعول ، وأسماء المكان والآلة وغيرهما ، وما شابه هذه الأمور من الجوامد. ومن أجل هذا الشرط لا يشمل هذا النزاع الأفعال ولا المصادر ؛ لأنّها كلّها لا تحكي عن الذات ولا تكون عنوانا لها ، وإن كانت تسند إليها.

٢. ألاّ تزول الذات بزوال تلبّسها بالصفة ـ ونعني بالصفة المبدأ الذي منه يكون انتزاع المشتقّ واشتقاقه ، ويصحّ صدقه على الذات ـ بمعنى أن تكون الذات باقية محفوظة لو زال تلبّسها بالصفة ، فهي تتلبّس بها تارة ولا تتلبّس بها أخرى ، والذات تلك الذات في كلا الحالين.
وإنّما نشترط ذلك لأجل أن نتعقّل انقضاء التلبّس بالمبدإ مع بقاء الذات حتّى يصحّ أن نتنازع في صدق المشتقّ حقيقة عليها مع انقضاء حال التلبّس بعد الاتّفاق على صدقه حقيقة عليها حال التلبّس ، وإلاّ لو كانت الذات تزول بزوال التلبّس لا يبقى معنى لفرض صدق المشتقّ على الذات مع انقضاء حال التلبّس ، لا حقيقة ولا مجازا.
وعلى هذا ، لو كان المشتقّ من الأوصاف التي تزول الذات بزوال التلبّس بمبادئها ، فلا يدخل في محلّ النزاع ، وإن صدق عليها اسم المشتقّ ، مثل ما لو كان من الأنواع أو الأجناس أو الفصول بالقياس إلى الذات ، كالناطق والصاهل والحسّاس والمتحرّك بالإرادة.
واعتبر ذلك في مثال كراهة الجلوس للتغوّط تحت الشجرة المثمرة ، فإنّ هذا المثال يدخل في محلّ النزاع لو زالت الثمرة عن الشجرة ، فيقال : هل يبقى اسم «المثمرة» صادقا حقيقة عليها حينئذ فيكره الجلوس أو لا؟ أمّا : لو اجتثّت الشجرة فصارت خشبة فإنّها لا تدخل في محلّ النزاع ؛ لأنّ الذات ـ وهي «الشجرة» ـ قد زالت بزوال الوصف الداخل في حقيقتها ، فلا يتعقّل معه بقاء وصف الشجرة المثمرة لها ، لا حقيقة ولا مجازا. وأمّا الخشب : فهو ذات أخرى لم يكن فيما مضى قد صدق عليه ـ بما أنّه خشب ـ وصف الشجرة المثمرة حقيقة ؛ إذ لم يكن متلبّسا ـ بما هو خشب ـ بالشجرة ثمّ زال عنه التلبّس.
وبناء على اعتبار هذين الشرطين يتّضح ما ذكرناه في صدر البحث من أنّ موضع النزاع في المشتقّ يشمل كلّ ما كان جاريا على الذات باعتبار قيام صفة خارجة عن الذات وإن كان معدودا من الجوامد اصطلاحا. ويتّضح أيضا عدم شمول النزاع للأفعال والمصادر.
كما يتّضح أنّ النزاع يشمل كلّ وصف جار على الذات ، ولا يفرق فيه بين أن يكون مبدؤه من الأعراض الخارجيّة المتأصّلة ، كالبياض والسواد والقيام والقعود ، أو من الأمور الانتزاعيّة ، كالفوقيّة والتحتيّة والتقدّم والتأخّر ، أو من الأمور الاعتباريّة المحضة ، كالزوجيّة والملكيّة والوقف والحرّيّة.

٢. جريان النزاع في اسم الزمان
بناء على ما تقدّم قد يظنّ عدم جريان النزاع في اسم الزمان ؛ لأنّه قد تقدّم أنّه يعتبر في جريانه بقاء الذات مع زوال الوصف ، مع أنّ زوال الوصف في اسم الزمان ملازم لزوال الذات ؛ لأنّ الزمان متصرّم الوجود ، فكلّ جزء منه ينعدم بوجود الجزء اللاحق ، فلا تبقى ذات مستمرّة ؛ فإذا كان يوم الجمعة مقتل زيد ـ مثلا ـ فيوم السبت الذي بعده ذات أخرى من الزمان لم يكن لها وصف القتل فيها ، ويوم الجمعة تصرّم وزال كما زال نفس الوصف.
والجواب : أنّ هذا صحيح لو كان لاسم الزمان لفظ مستقلّ مخصوص ، ولكن الحقّ أنّ اسم الزمان موضوعة لما هو يعمّ اسم الزمان والمكان ويشملهما معا ، فمعنى «المضرب» ـ مثلا ـ الذات المتّصفة بكونها ظرفا للضرب ، والظرف أعمّ من أن يكون زمانا أو مكانا ، ويتعيّن أحدهما بالقرينة. والهيئة إذا كانت موضوعة للجامع بين الظرفين فهذا الجامع يكفي في صحّة الوضع له ، وتعميمه لما تلبّس بالمبدإ وما انقضى عنه أن يكون أحد فرديه يمكن أن يتصوّر فيه انقضاء المبدأ وبقاء الذات.
والخلاصة : أنّ النزاع حينئذ يكون في وضع أصل الهيئة التي تصلح للزمان والمكان ، لا لخصوص اسم الزمان. ويكفي في صحّة الوضع للأعمّ إمكان الفرد المنقضي عنه المبدأ في أحد أقسامه ، وإن امتنع الفرد الآخر.