سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 13: بحث الصحیح و الاعمّ: وهم ودفع، تنبیهان

9 مرداد 1403

درس 13: بحث الصحیح و الاعمّ: وهم ودفع، تنبیهان

اصول مظفر: درس 13

الدفع :
أنّ هذا التبادل في الأجزاء وتكثّر مراتب الفاسدة لا يمنع من فرض قدر مشترك جامع بين الأفراد ، ولا يلزم التبدّل والترديد في ذات الحقيقة الجامعة بين الأفراد. وهذا نظير لفظ «الكلمة» الموضوع لما تركّب من حرفين فصاعدا ، ويكون الجامع بين الأفراد هو «ما تركّب من حرفين فصاعدا» ، مع أنّ الحروف كثيرة ، فربّما تتركّب الكلمة من الألف والباء ، كأب ، ويصدق عليها أنّها كلمة ، وربّما تتركّب من حرفين آخرين مثل «يد» ، ويصدق عليها أنّها كلمة ... وهكذا. فكلّ حرف يجوز أن يكون داخلا وخارجا في مختلف الكلمات ، مع صدق اسم الكلمة.

وكيفيّة تصحيح الوضع في ذلك أنّ الواضع يتصوّر أوّلا جميع الحروف الهجائيّة ، ثمّ يضع لفظ «الكلمة» بإزاء طبيعة «المركّب من اثنين فصاعدا إلى حدّ سبعة حروف» مثلا. والغرض من التقييد بقولنا : «فصاعدا» بيان أنّ الكلمة تصدق على الأكثر من حرفين ، كصدقها على المركّب من حرفين.
ولا يلزم الترديد في الماهية ؛ فإنّ الماهية الموضوع لها هي طبيعة اللفظ الكلّي المتركّب من حرفين فصاعدا ، والتبدّل والترديد إنّما يكون في أجزاء أفرادها. وقد يسمّى ذلك : «الكلّيّ في المعيّن» أو «الكلّيّ المحصور في أجزاء معيّنة». وفي المثال أجزاؤه المعيّنة هي الحروف الهجائيّة كلّها.
وعلى هذا فينبغي أن يقاس لفظ «الصلاة» ـ مثلا ـ ، فإنّه يمكن تصوّر جميع أجزاء الصلاة في مراتبها كلّها ، وهي ـ أي هذه الأجزاء ـ معيّنة معروفة ، كالحروف الهجائيّة ، فيضع اللفظ بإزاء طبيعة «العمل المركّب من خمسة أجزاء منها ـ مثلا ـ فصاعدا» ، فعند وجود تمام الأجزاء يصدق على المركّب أنّه صلاة ، وعند وجود بعضها ـ ولو خمسة على أقلّ تقدير على الفرض ـ يصدق اسم الصلاة أيضا.
بل الحقّ أنّ الذي لا يمكن تصوّر الجامع فيه هو خصوص المراتب الصحيحة ، وهذا المختصر لا يسع تفصيل ذلك.

تنبيهان

١. لا يجري النزاع في المعاملات بمعنى المسبّبات
إنّ ألفاظ المعاملات ، كالبيع والنكاح ، والإيقاعات ، كالطلاق والعتق ، يمكن تصوير وضعها على أحد نحوين :
١. أن تكون موضوعة للأسباب التي تسبّب مثل الملكيّة والزوجيّة والفراق والحرّية ونحوها. ونعني بالسبب إنشاء العقد والإيقاع ، كالإيجاب والقبول معا في العقود ، والإيجاب فقط في الإيقاعات. وإذا كانت كذلك فالنزاع المتقدّم يصحّ أن نفرضه في ألفاظ المعاملات من كونها أسامي لخصوص الصحيحة ـ أعني تامّة الأجزاء والشرائط المؤثّرة في المسبّب ـ أو للأعمّ من الصحيحة والفاسدة. ونعني بالفاسدة ما لا يؤثّر في المسبّب إمّا لفقدان جزء أو شرط.
٢. أن تكون موضوعة للمسبّبات ، ونعني بالمسبّب نفس الملكيّة والزوجيّة والفراق والحرّية ونحوها. وعلى هذا فالنزاع المتقدّم لا يصحّ فرضه في المعاملات ؛ لأنّها لا تتّصف بالصحّة والفساد ؛ لكونها بسيطة غير مركّبة من أجزاء وشرائط ، بل إنّما تتّصف بالوجود تارة وبالعدم أخرى. فهذا عقد البيع ـ مثلا ـ إمّا أن يكون واجدا لجميع ما هو معتبر في صحّة العقد أو لا ، فإن كان الأوّل اتّصف بالصحّة ، وإن كان الثاني اتّصف بالفساد. ولكن الملكيّة المسبّبة للعقد يدور أمرها بين الوجود والعدم ؛ لأنّها توجد عند صحّة العقد ، وعند فساده لا توجد أصلا ، لا أنّها توجد فاسدة. فإذا أريد من البيع نفس المسبّب ـ وهو الملكيّة المنتقلة إلى المشتري ـ فلا تتّصف بالصحّة والفساد حتّى يمكن تصوير النزاع فيها (١).

٢. لا ثمرة للنزاع في المعاملات إلاّ في الجملة
قد عرفت أنّه على القول بوضع ألفاظ «العبادات» للصحيحة لا يصحّ التمسّك بالإطلاق عند الشكّ في اعتبار شيء فيها جزءا كان أو شرطا ؛ لعدم إحراز صدق الاسم على الفاقد له. وإحراز صدق الاسم على الفاقد شرط في صحّة التمسّك بالإطلاق.
إلاّ أنّ هذا الكلام لا يجري في ألفاظ «المعاملات» ؛ لأنّ معانيها غير مستحدثة ، والشارع بالنسبة إليها كواحد من أهل العرف ، فإذا استعمل أحد ألفاظها فيحمل لفظه على معناه الظاهر فيه عندهم إلاّ إذا نصب قرينة على خلافه.
فإذا شككنا في اعتبار شيء عند الشارع في صحّة البيع ـ مثلا ـ ولم ينصب قرينة على ذلك في كلامه ، فإنّه يصحّ التمسّك بإطلاقه لدفع هذا الاحتمال ، حتّى لو قلنا بأنّ ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح ؛ لأنّ المراد من الصحيح هو الصحيح عند العرف العامّ ، لا عند الشارع. فإذا اعتبر الشارع قيدا زائدا على ما يعتبره العرف كان ذلك قيدا زائدا على أصل معنى اللفظ ، فلا يكون دخيلا في صدق عنوان المعاملة الموضوعة ـ حسب الفرض ـ للصحيح على المصداق المجرّد عن القيد. وحالها في ذلك حال ألفاظ العبادات لو كانت موضوعة للأعمّ.
نعم ، إذا احتمل أنّ هذا القيد دخيل في صحّة المعاملة عند أهل العرف أنفسهم أيضا فلا يصحّ التمسّك بالإطلاق لدفع هذا الاحتمال ، بناء على القول بالصحيح ـ كما هو شأن ألفاظ العبادات ـ ؛ لأنّ الشكّ يرجع إلى الشكّ في صدق عنوان المعاملة. وأمّا على القول بالأعمّ فيصحّ التمسّك بالإطلاق لدفع الاحتمال.
فتظهر ثمرة النزاع ـ على هذا ـ في ألفاظ المعاملات أيضا ، ولكنّها ثمرة نادرة.