سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 12: الصحیح و الاعمّ، وهم ودفع

9 مرداد 1403

درس 12: الصحیح و الاعمّ، وهم ودفع

اصول مظفر: درس 12

الثالثة : أنّ ثمرة النزاع هي صحّة رجوع القائل بالوضع للأعمّ ـ المسمّى ب : «الأعمّي» ـ إلى أصالة الإطلاق ، دون القائل بالوضع للصحيح ـ المسمّى ب : «الصحيحيّ» ـ فإنّه لا يصحّ له الرجوع إلى أصالة إطلاق اللفظ.
توضيح ذلك أنّ المولى إذا أمرنا بإيجاد شيء وشككنا في حصول امتثاله بالإتيان بمصداق خارجيّ فله صورتان يختلف الحكم فيهما :
١. أن يعلم صدق عنوان المأمور به على ذلك المصداق ، ولكن يحتمل دخل قيد زائد في غرض المولى غير متوفّر في ذلك المصداق ، كما إذا أمر المولى بعتق رقبة ، فإنّه يعلم بصدق عنوان المأمور به على [إعتاق] الرقبة الكافرة ، ولكن يشكّ في دخل وصف الإيمان في غرض المولى ، فيحتمل أن يكون قيدا للمأمور به.
فالقاعدة في مثل هذا الرجوع إلى أصالة الإطلاق في نفي اعتبار القيد المحتمل اعتباره ، فلا يجب تحصيله ، بل يجوز الاكتفاء في الامتثال بالمصداق المشكوك ، فيمتثل في المثال لو أعتق رقبة كافرة.

٢. أن يشكّ في صدق نفس عنوان المأمور به على ذلك المصداق الخارجيّ ، كما إذا أمر المولى بالتيمّم بالصعيد ولا ندري أنّ ما عدا التراب هل يسمّى صعيدا أو لا؟ فيكون شكّنا في صدق الصعيد على غير التراب. وفي مثله لا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لإدخال المصداق المشكوك في عنوان المأمور به ليكتفى به في مقام الامتثال ، بل لا بدّ من الرجوع إلى الأصول العمليّة ، مثل قاعدة الاحتياط أو البراءة.

ومن هذا البيان تظهر ثمرة النزاع في المقام الذي نحن فيه ، فإنّه في فرض الأمر بالصلاة والشكّ في أنّ السورة ـ مثلا ـ جزء للصلاة أم لا؟
إن قلنا : إنّ الصلاة اسم للأعمّ كانت المسألة من باب الصورة الأولى ؛ لأنّه بناء على هذا القول يعلم بصدق عنوان الصلاة على المصداق الفاقد للسورة ، وإنّما الشكّ في اعتبار قيد زائد على المسمّى ، فيتمسّك حينئذ بإطلاق كلام المولى في نفي اعتبار القيد الزائد وهو كون السورة جزءا من الصلاة ، ويجوز الاكتفاء في الامتثال بفاقدها.
وإن قلنا : إنّ الصلاة اسم للصحيح كانت المسألة من باب الصورة الثانية ؛ لأنّه عند الشكّ في اعتبار السورة يشكّ في صدق عنوان المأمور به ـ أعني الصلاة ـ على المصداق الفاقد للسورة ؛ إذ عنوان المأمور به هو الصحيح ، والصحيح هو عنوان المأمور به ، فما ليس بصحيح ليس بصلاة ، فالفاقد للجزء المشكوك كما يشكّ في صحّته يشكّ في صدق عنوان المأمور به عليه ، فلا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لنفي اعتبار جزئيّة السورة حتّى يكتفى بفاقدها في مقام الامتثال ، بل لا بدّ من الرجوع إلى أصالة الاحتياط أو أصالة البراءة على خلاف بين العلماء في مثله ، سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.

المختار في المسألة
إذا عرفت ما ذكرنا من المقدّمات فالمختار عندنا هو الوضع للأعمّ. والدليل التبادر وعدم صحّة السلب عن الفاسد ، وهما أمارتا الحقيقة ، كما تقدّم.

وهم ودفع
الوهم : قد يعترض على المختار فيقال : إنّه لا يمكن الوضع بإزاء الأعمّ ؛ لأنّ الوضع له يستدعي أن نتصوّر معنى كلّيّا جامعا بين أفراده ومصاديقه هو الموضوع له ، كما في أسماء الأجناس. وكذلك الوضع للصحيح يستدعي تصوّر كلّيّ جامع بين مراتبه وأفراده. ولا شكّ أنّ مراتب الصلاة ـ مثلا ـ الفاسدة والصحيحة كثيرة متفاوتة ، وليس بينها قدر جامع يصحّ وضع اللفظ بإزائه.
توضيح ذلك : أنّ أيّ جزء من أجزاء الصلاة حتّى الأركان إذا فرض عدمه يصحّ صدق اسم الصلاة على الباقي ، بناء على القول بالأعمّ ، كما يصحّ صدقه مع وجوده وفقدان غيره من الأجزاء. وعليه ، يكون كلّ جزء مقوّما للصلاة عند وجوده غير مقوّم عند عدمه ، فيلزم التبدّل في حقيقة الماهيّة ، بل يلزم الترديد فيها عند وجود تمام الأجزاء ؛ لأنّ أيّ جزء منها لو فرض عدمه يبقى صدق الاسم على حاله ، وكلّ منهما ـ أي التبدّل والترديد في الحقيقة الواحدة ـ غير معقول ؛ إذ إنّ كلّ ماهيّة تفرض لا بدّ أن تكون متعيّنة في حدّ ذاتها ، وإن كانت مبهمة من جهة تشخّصاتها الفرديّة ، والتبدّل أو الترديد في ذات الماهيّة معناه إبهامها في حدّ ذاتها ، وهو مستحيل.