سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 11: الحقیقة الشرعیة ، الصحیح و الاعمّ

9 مرداد 1403

درس 11: الحقیقة الشرعیة ، الصحیح و الاعمّ

اصول مظفر: درس 11

١٤. الحقيقة الشرعيّة
لا شكّ في أنّا ـ نحن المسلمين ـ نفهم من بعض الألفاظ المخصوصة ، كالصلاة والصوم ونحوهما ، معاني خاصّة شرعيّة ، ونجزم بأنّ هذه المعاني حادثة لم يكن يعرفها أهل اللغة العربيّة قبل الإسلام ، وإنّما نقلت تلك الألفاظ من معانيها اللغوية إلى هذه المعاني الشرعيّة.
هذا لا شكّ فيه ، ولكنّ الشكّ وقع عند الباحثين في أنّ هذا النقل وقع في عصر الشارع المقدّس على نحو الوضع التعييني أو التعيّني ، فتثبت الحقيقة الشرعيّة ، أو أنّه وقع في عصر بعده على لسان أتباعه المتشرّعة ، فلا تثبت الحقيقة الشرعيّة ، بل الحقيقة المتشرعيّة؟.
والفائدة من هذا النزاع تظهر في الألفاظ الواردة في كلام الشارع مجرّدة عن القرينة ، سواء كانت في القرآن الكريم أم السنّة. فعلى القول الأوّل يجب حملها على المعاني الشرعيّة ، وعلى الثاني تحمل على المعاني اللغويّة ، أو يتوقّف فيها فلا تحمل على المعاني الشرعيّة ولا على اللغويّة ، بناء على رأي من يذهب إلى التوقّف فيما إذا دار الأمر بين المعنى الحقيقيّ وبين المجاز المشهور ؛ إذ من المعلوم أنّه إذا لم تثبت الحقيقة الشرعيّة فهذه المعاني المستحدثة تكون ـ على الأقلّ ـ مجازا مشهورا في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله.
والتحقيق في المسألة أن يقال : إنّ نقل تلك الألفاظ إلى المعاني المستحدثة إمّا بالوضع التعيينيّ أو التعيّنيّ :
أمّا الأوّل : فهو مقطوع العدم ؛ لأنّه لو كان لنقل إلينا بالتواتر ، أو بالآحاد على الأقلّ ؛ لعدم الداعي إلى الإخفاء ، بل الدواعي متظافرة على نقله ، مع أنّه لم ينقل ذلك أبدا.
وأمّا الثاني : فهو ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى زمان إمامنا أمير المؤمنين عليه‌السلام ؛ لأنّ اللفظ إذا استعمل في معنى خاصّ في لسان جماعة كثيرة زمانا معتدّا به ـ لا سيّما إذا كان المعنى جديدا ـ يصبح حقيقة فيه بكثرة الاستعمال ، فكيف إذا كان ذلك عند المسلمين قاطبة في سنين متمادية؟! فلا بدّ ـ إذن ـ من حمل تلك الألفاظ على المعاني المستحدثة فيما إذا تجرّدت عن القرائن في روايات الأئمّة عليهم‌السلام.
نعم ، كونها حقيقة فيها في خصوص زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غير معلوم ، وإن كان غير بعيد ، بل من المظنون ذلك ، ولكن الظنّ في هذا الباب لا يغني من الحقّ شيئا ، غير أنّه لا أثر لهذا الجهل ، نظرا إلى أنّ السنّة النبويّة غير مبتلى بها إلاّ ما نقل لنا من طريق آل البيت عليهم‌السلام على لسانهم ، وقد عرفت الحال في كلماتهم أنّه لا بدّ من حملها على المعاني المستحدثة.
وأمّا القرآن المجيد : فأغلب ما ورد فيه من هذه الألفاظ أو كلّه محفوف بالقرائن المعيّنة لإرادة المعنى الشرعيّ ، فلا فائدة مهمّة في هذا النزاع بالنسبة إليه. على أنّ الألفاظ الشرعيّة ليست على نسق واحد ؛ فإنّ بعضها كثير التداول ، كالصلاة والصوم والزكاة والحجّ ، لا سيّما الصلاة التي يؤدّونها كلّ يوم خمس مرّات ، فمن البعيد جدّا ألاّ تصبح حقائق في معانيها المستحدثة بأقرب وقت في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الصحيح والأعمّ
من ملحقات المسألة السابقة مسألة «الصحيح والأعمّ». فقد وقع النزاع في أنّ ألفاظ العبادات أو المعاملات أهي أسام موضوعة للمعاني الصحيحة أو للأعمّ منها ومن الفاسدة؟

وقبل بيان المختار لا بدّ من تقديم مقدّمات :
الأولى : أنّ هذا النزاع لا يتوقّف على ثبوت الحقيقة الشرعيّة (١) ؛ لأنّه قد عرفت أنّ هذه الألفاظ مستعملة في لسان المتشرّعة بنحو الحقيقة ولو على نحو الوضع التعيّني عندهم.
ولا ريب أنّ استعمالهم كان يتبع الاستعمال في لسان الشارع ، سواء كان استعماله على نحو الحقيقة أو المجاز.
فإذا عرفنا ـ مثلا ـ أنّ هذه الألفاظ في عرف المتشرّعة كانت حقيقة في خصوص الصحيح يستكشف منه أنّ المستعمل فيه في لسان الشارع هو الصحيح أيضا ، مهما كان استعماله عنده أحقيقة كان أم مجازا. كما أنّه لو علم أنّها كانت حقيقة في الأعمّ في عرفهم ، كان ذلك أمارة على كون المستعمل فيه في لسانه هو الأعمّ أيضا ، وإن كان استعماله على نحو المجاز.

الثانية : أنّ المراد من الصحيحة من العبادة أو المعاملة هي التي تمّت أجزاؤها وكملت شروطها. والصحيح إذن معناه تامّ الأجزاء والشرائط (١). فالنزاع يرجع هنا إلى أنّ الموضوع له خصوص تامّ الأجزاء والشرائط من العبادة أو المعاملة ، أو الأعمّ منه ومن الناقص؟