سبد خرید
جمع سبد خرید
0

درس 08: الاصول اللفظیة

9 مرداد 1403

درس 08: الاصول اللفظیة

اصول مظفر: درس 08

١٢. الأصول اللفظيّة

تمهيد

اعلم أنّ الشكّ في اللفظ على نحوين :

١. الشكّ في وضعه لمعنى من المعاني.
٢. الشكّ في المراد منه بعد فرض العلم بالوضع ، كأن يشكّ في أنّ المتكلّم أراد بقوله : «رأيت أسدا» معناه الحقيقيّ أو معناه المجازيّ مع العلم بوضع لفظ الأسد للحيوان المفترس ، وبأنّه غير موضوع للرجل الشجاع؟

أمّا النحو الأوّل :
فقد كان البحث السابق معقودا لأجله ، لغرض بيان العلامات المثبتة للحقيقة أو المجاز ـ أي المثبتة للوضع أو عدمه ـ. وهنا نقول : إنّ الرجوع إلى تلك العلامات وأشباهها كنصّ أهل اللغة أمر لا بدّ منه في إثبات أوضاع اللغة أيّة لغة كانت ، ولا يكفي في إثباتها أن نجد في كلام أهل تلك اللغة استعمال اللفظ في المعنى الذي شكّ في وضعه له ؛ لأنّ الاستعمال كما يصحّ في المعنى الحقيقيّ يصحّ في المعنى المجازيّ ، وما يدرينا لعلّ المستعمل اعتمد على قرينة حاليّة أو مقاليّة في تفهيم المعنى المقصود له ، فاستعمله فيه على سبيل المجاز. ولذا اشتهر في لسان المحقّقين ـ حتى جعلوه كقاعدة ـ قولهم : «إنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة والمجاز» .

ومن هنا نعلم بطلان طريقة العلماء السابقين لإثبات وضع اللفظ بمجرّد وجدان استعماله في لسان العرب ، كما وقع ذلك لعلم الهدى السيّد المرتضى قدس‌سره، فإنّه كان يجري أصالة الحقيقة في الاستعمال ، بينما أنّ أصالة الحقيقة إنّما تجري عند الشكّ في المراد لا في الوضع ، كما سيأتي.

وأمّا النحو الثاني :
فالمرجع فيه لإثبات مراد المتكلّم الأصول اللفظية ، وهذا البحث معقود لأجلها ، فينبغي الكلام فيها من جهتين :
أوّلا : في ذكرها وذكر مواردها.
ثانيا : في حجيّتها ومدرك حجيّتها.

الأصول اللفظيّة ومواردها

أمّا من الجهة الأولى : فنقول : أهمّ الأصول اللفظيّة ما يأتي :

١. أصالة الحقيقة

وموردها ما إذا شكّ في إرادة المعنى الحقيقيّ أو المجازيّ من اللفظ بأن لم يعلم وجود القرينة على إرادة المجاز مع احتمال وجودها ، فيقال حينئذ : «الأصل الحقيقة» ، أي الأصل أن نحمل الكلام على معناه الحقيقيّ ، فيكون حجّة فيه للمتكلّم على السامع ، وحجّة فيه للسامع على المتكلّم ، فلا يصحّ من السامع الاعتذار في مخالفة الحقيقة بأن يقول للمتكلّم : «لعلّك أردت المعنى المجازيّ» ، ولا يصحّ الاعتذار من المتكلّم بأن يقول للسامع : «إنّي أردت المعنى المجازيّ».

٢. أصالة العموم

وموردها ما إذا ورد لفظ عامّ وشكّ في إرادة العموم منه أو الخصوص ، أي شكّ في تخصيصه ، فيقال حينئذ : «الأصل العموم» ، فيكون حجّة في العموم على المتكلّم أو السامع.

٣. أصالة الإطلاق

وموردها ما إذا ورد لفظ مطلق له حالات وقيود يمكن إرادة بعضها منه وشكّ في إرادة هذا البعض لاحتمال وجود القيد فيقال : «الأصل الإطلاق» ، فيكون حجّة على السامع والمتكلّم ؛ كقوله (تعالى) : ﴿أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾ ، فلو شكّ ـ مثلا ـ في البيع أنّه هل يشترط في صحّته أن ينشأ بألفاظ عربيّة؟ فإنّنا نتمسّك بأصالة إطلاق البيع في الآية لنفي اعتبار هذا الشرط والتقييد به ، فنحكم حينئذ بجواز البيع بالألفاظ غير العربيّة.

٤. أصالة عدم التقدير

وموردها ما إذا احتمل التقدير في الكلام وليس هناك دلالة على التقدير فالأصل عدمه.
ويلحق بأصالة عدم التقدير أصالة عدم النقل وأصالة [عدم] الاشتراك. وموردهما ما إذا احتمل معنى ثان موضوع له اللفظ ، فإن كان هذا الاحتمال مع فرض هجر المعنى الأوّل ـ وهو المسمّى بـ «المنقول» ـ فالأصل عدم النقل ، وإن كان مع عدم هذا الفرض ـ وهو المسمّى بـ «المشترك» ـ فالأصل عدم الاشتراك ؛ فيحمل اللفظ في كلّ منهما على إرادة المعنى الأوّل ما لم يثبت النقل والاشتراك. أمّا إذا ثبت النقل فإنّه يحمل على المعنى الثاني ، وإذا ثبت الاشتراك فإنّ اللفظ يبقى مجملا لا يتعيّن في أحد المعنيين إلاّ بقرينة على القاعدة المعروفة في كلّ مشترك.